السبت، 21 أبريل 2018

الأمل (2)بقلم الشاعرة " مليكة فكري "

أول قصة قصيرة أتمنى أن تروقكم

الأمل  (2)

مر أسبوعان و حال الحاجة كما هو  فقرر الدكتور علي  أن لا يبق مكثف الأيدي  و وجب عليه التفكير في حل يخرج الحاجة من عالم الغيبوبة. صادف خروجه من غرفة الإنعاش وصول أبناءها مروان و عبد السلام الذين اشتاقوا  لوالدتهم الحبيبة ,فهم يبقون لساعات واقفين أمام الزجاج لعل و عسى تحصل المعجزة و تتشافى والدتهم و تعود إلى عالمها الحقيقي الدافئ بالمحبة و الحنان, كان يكفيهم النظر إلى وجه الدكتور علي الحزين ليدركوا بأن الوضع كما هو منذ أيام. اقترب الدكتور علي منهم و قال:
- أملي في الله كبير, ستكون بخير إن شاء الله , أدعوا لها إن الله قادر على كل شيء.
توجه الدكتور علي نحو مكتبه فوجد في طريقه عفاف و أمينة فأخذهم معه .

كان الدكتور الخروبي و هو مدير المصحة التي تتعالج فيها الحاجة فاطمة يتفقد أمور قسم الإنعاش, دخل الغرفة التي أصبحت تشغل أطباء المصحة نظرا لبشاعة الحادثة التي تعرضت لها فدوى و أختها هدى , أخذ يقرأ التقارير و هو يحرك  رأسه يأسف لحال الحاجة المستقر , و هو يقفل الباب عند خروجه تقدم نحوه أبناءها , نوفل حفيذها  و محمود زوج عفاف  الذي قال له :
- يمكننا أن نأخذها إلى مصحة في باريس إن لزم الأمر.
- لا داعي لذلك إننا نعمل كل ما بوسعنا لتسترجع الحاجة وضعها الطبيعي إنها مسألة وقت فقط.
- ماذا تقول يا دكتور , كيف أنها مسألة وقت فقط , و إن لم تستيقظ جدتي من الغيبوبة ماذا سنفعل?
كلام مؤثر قاله نوفل  و الدموع تسيل من عينيه.
- لا تيأس , هل تعلم بأن المريض وهو في غيبوبة يحس بكل ما يجري حوله ويسمع كل الكلام لكنه يعجز عن فتح عينيه و الكلام? أرجوكم لا تتصرفوا تصرفا يزيد من شدة وضع الحاجة .

بعد لحظات عاد الدكتور علي إلى غرفة الحاجة  و معه ضيوف أغلق الباب و قال لهم :
- لا تنسوا الكلام الذي قلته لكم في المكتب و لقد وعدتموني بالإلتزام بكل الشروط حفاظا على سلامة الجميع,  فبعد تفكير عميق و جدت بأن هذا هو الحل الأنسب لإخراج الحاجة فاطمة من هذه الغيبوبة التي طالت مدتها.
تقدمت كل واحدة بالقرب من والدتها و عيونها ملأتها الدموع أمسكت كل واحدة يد أمها بحرارة وبدأت تقبلها و الدموع تسيل كأنها أنهار.
كان أفراد العائلة الآخرين ينظرون إلى ما يجري داخل الغرفة عبر الزجاج . حاولت إحدا البننتين ان تصرخ فكثم الدكتور علي صراخها بيده و انحنت الثانية و هي تقول :
- افتحي عينيك امي, إننا كلنا بخير, كلنا هنا و قد اشتقنا إليك كثيرا , البيت من دونك كله كآبة عودي لنا يا أمي اشتقنا لحنانك و لحظنك الدافئ اشتقنا لحبك الذي ليس له مثيل, اشتقنا لكلامك , لصوتك , لضحكاتك التي كانت تملأ البيت سعادة ,  اشتقنا لتوبيخك أبناءنا عندما لا يحسنوا التصرف إننا نفتقدك كثيرا سنأخذك معنا ولن نتركك وحدك أرجوك امي افتحي عينك.
كل من كان خارج الغرفة كان يتابع المشهد عبر الزجاج بألم و حسرة و حزن شديد و دموع . اقتربت ابنتها ألأخرى و هي تمسك بطنها  انحنت على رأس أمها وهي تقبله و تقول:
- أمي حبيبتي , أنت حبيبتي و صديقتي وحياتي و كل ما أملك ألم تسمعي صوتي? أنا فدوى نعم امي  لازلت على قيد الحياة والحمد لله و أختي هدي ابنتك المدللة قد كلمتك قبلي ,  اعطانا الله عمرا آخر لنعيشه معك فالفضل يعود لله تعالى و للدكتور علي و لمتبرع, شاب توفي في حادثة رحمه الله و اسكنه الفردوس الأولى.
و فجأة بدأت كل الألات تعلن عن صوت غير الذي اعتادوا عليه , اقترب الدكتور علي أكثر من الحاجة فاطمة بوجه منشرح و حاول أن يقيس بنفسه نبضات قلبها و ما هي إلا لحظة حتي حركت الحاجة يدها و بدأت تحاول فتح عينيها كرضيع حديث الولادة فصرخت هدى و هي تحاول الوقوف من الكرسي المتحرك:
- امي امي حمدا لله على سلامتك حبيبتي .
اجتاحت دموع الفرحة كل من كان في الغرفة و خارجها و بدأ الطرق على الزجاج و إرسال القبلات من خلاله, أما في الداخل فكانت كل من فدوى و هدى تقبل الحاجة فاطمة التي حاولت أن تتكلم و قد سالت دمعتان من عينيها  نظرت إلى الدكتور علي و حاولت أن تتكلم و لكن كان لسانها كأنه ملتويا و بعد جهد تمكنت من النطق و قالت :
- الحمد لله شكرا لك يا دكتور.
أمسك الدكتور على بيدها و التفت نحو بناتها قائلا :
- اعتنوا بالحاجة فاطمة فلا طعم للحياة بدون أم.

مليكة فكري

(تمت)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لوح خشب بقلم شاعر الناي الحزين محمود درويش

  لوح خشب ......... لوح خشب والموجه عاليه وانا أحلامي مش طايله لوح خشب فى مهب الريح تلعبه موجه مستعفيه والهوي تباريح  شايل حمولي علي كفي  وح...